مدينة تدمر الأثرية
1. الموقع الجغرافي:
تتوسط تدمر بادية الشام وتقع على بعد 243 كيلومتر من دمشق و 150 كيلومتر من حمص شرقاً، عند معبر جبلي اضطراري على سفح جبل المنطار من سلسلة الجبال التدمرية، في حوضة نبع غزير الماء. وقد خلق هذا النبع واحة خضراء أصبحت مكان استراحة بين العراق والشام، ومحطة للقوافل بين الخليج العربي وبلاد فارس والبحر الأبيض المتوسط.
2. اسم المدينة:
يعود أقدم ذكر لتدمر باسمها الحالي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، ولا يعرف لهذا الاسم معنى مؤكد, على أنه من المنطقي والمقبول أن يكون اسمها قد اشتق من «دَمَر»، التي تعني "حَمَى"، في اللهجات العربية من لغات الجزيرة العربية القديمة، وقد تمت تسميتها باللغات الإغريقية واللاتينية واللغات التي تطورت عنهما اسم "بالميرا” Palmyra المشتق من اسم النخيل.
3. تدمر عبر العصور
تدمر في عصور ما قبل التاريخ
كان المنخفض القائم إلى الجنوب الشرقي من موقع تدمر، والمعروف باسم الملاّحة، بحيرة واسعة عذبة في العصر الحجري القديم، ترتادها الطرائد التي كان يقتات منها الإنسان القديم، والذي كان يأوي إلى الجبال المجاورة. وقد ترك لنا أدواته الحجرية في جرف العجلة والثنية البيضا والدوّارة، ولاسيما من النموذج الموستيري، الذي يرقى إلى قرابة 75 ألف عام.
وقد وجد الباحثون شواهد من العصر الحجري الحديث في الأكمات المجاورة للنبع والواحة، وهي ترقى للألف السابع قبل الميلاد. وثمة شواهد من أزمنة أكثر حداثة في التل الأثري الذي يقوم عليه معبد بل.
أدت أعمال التنقيب في التل المذكور إلى اكتشاف فخار سوري من أواخر العصر المعروف باسم البرونز القديم في حدود ( 2200 إلى 2100 ق.م ). لكن أقدم نصوص تذكر تدمر باسمها الحالي وجدت في مستعمرة كانيش الآشورية (كولتبة) بمقاطعة كبادوكية في الأناضول. وهي من مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وتليها نصوص عثر عليها في مدينة ماري (تل الحريري على الفرات), تعود للقرن التاسع عشر قبل الميلاد، وأخرى من إيمار ( مسكنة على الفرات) من القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كما ذكرت تدمر باسمها الحالي أيضاً في حوليات الملك الآشوري تغلات بيلاصّر الذي عاش في القرن الحادي عشر قبل الميلاد (1112-1074 ق.م).
وقد وجد الباحثون شواهد من العصر الحجري الحديث في الأكمات المجاورة للنبع والواحة، وهي ترقى للألف السابع قبل الميلاد. وثمة شواهد من أزمنة أكثر حداثة في التل الأثري الذي يقوم عليه معبد بل.
أدت أعمال التنقيب في التل المذكور إلى اكتشاف فخار سوري من أواخر العصر المعروف باسم البرونز القديم في حدود ( 2200 إلى 2100 ق.م ). لكن أقدم نصوص تذكر تدمر باسمها الحالي وجدت في مستعمرة كانيش الآشورية (كولتبة) بمقاطعة كبادوكية في الأناضول. وهي من مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وتليها نصوص عثر عليها في مدينة ماري (تل الحريري على الفرات), تعود للقرن التاسع عشر قبل الميلاد، وأخرى من إيمار ( مسكنة على الفرات) من القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كما ذكرت تدمر باسمها الحالي أيضاً في حوليات الملك الآشوري تغلات بيلاصّر الذي عاش في القرن الحادي عشر قبل الميلاد (1112-1074 ق.م).
تدمر أيام السلوقيين والرومان
سلوقس الأول
مؤسس الدولة السلوقية في سورية
لا يوجد الكثير مما نعرفه عن تدمر في زمن الدولة البابلية الحديثة (الكلدانية 612 – 539 ق.م) أو في أيام الدولة الأخمينية (الفارسية 538 – 333 ق.م) لكن من المؤكد أنها كانت مدينة مهمة في العصر السلوقي (312 – 64 ق.م).
ظلت تدمر إمارة عربية ذات حكم ذاتي طوال عصر الدولة السلوقية في بلاد الشام، شأنها في ذلك شأن إمارة حمص ومملكة الأنباط في بترا والإيتوريين في لبنان وغيرهم. ويذكر المؤرخ بوليبيوس اشتراك أمي يحمل اسماً تدمرياً هو «زبديبل» مع عشرة آلاف عربي بنصرة السلوقيين على البطالمة في معركة رفح (217 ق.م).
احتفظت تدمر باستقلالها بعد احتلال الرومان لسورية عام 64 ق.م، وفقاً لكتابات المؤرخين بلينيوس الأكبر وأبيانوس، اللذين يذكران أهمية دورها التجاري بين الفرس والرومان. وتم إلحاق تدمر بالإمبراطورية الرومانية في أواسط القرن الأول الميلادي، ثم اشتركت اشتراكاً فعالاً في مشروعات الدولة الرومانية، وقام رماتها ومختلف قواتها بحماية حدودها من الصحارى العربية حتى حوض الدانوب وشمال إنكلترة، وانتقل لها دور البتراء التجاري بعد سقوط دولة الأنباط عام 106م.
الإمبراطور هادريان
منح الإمبراطور هادريان (117-138م) تدمر وضع المدينة الحرة، الذي يؤهلها لسن قوانينها وتحديد رسومها. ونشطت نشاطاً واسعاً في كل النواحي، ولاسيما في ميدان اقتصاد القوافل والتوسع التجاري والمعماري والفني، وأعطاها الإمبراطور كركلا من السلالة السيفيرية صفة المستعمرة الرومانية في عام 212م، عندما منح المواطنية الرومانية لجميع السكان الأحرار في الإمبراطورية.
كان من نتائج صعود السلالة الساسانية في فارس ووصولها إلى الفرات عام 228م، فقدان تدمر لسيطرتها على الطرق التجارية المارة في شط العرب والخليج العربي مما أدى لتعرضها إلى مصاعب مالية كبيرة، لم تستطع حتى روما أن تساعدها في التخلص منها، إلى أن قام حاكم الولاية السورية الملك العربي أذينة الذي بدأ حكمه عام 258م بقهر الفرس، ورد قواتهم مرتين إلى عاصمتهم المدائن (طيسفون) في عامي 262م و 267م، وقد تمتع أذينة بكل الألقاب الرفيعة اللائقة، حيث أصبح الحاكم العام في عهد الإمبراطور فاليريان، وحصل على لقب «مصلح الشرق كله» ولقب «ملك الملوك».
بعد مقتل أذينة وولي عهده هيروديان في ظروف غامضة عام 267 أو 268م، قامت زوجته زنوبيا بالوصاية على ابنهما (وهب اللات) واتخذت معه ألقاب الأباطرة، واحتلت مصر والأناضول إضافة إلى بلاد الشام، إلا أن ذلك وضعها في حالة صدام مع الإمبراطور الروماني أورليان، الذي سقطت تدمر بيده عام 272م، وتم أسر الملكة العربية. وقد ظل مصيرها موضع خلاف بين المؤرخين ولكنها تركت قصة حياة رائعة دخلت ميدان الأسطورة.
تدمر بعد زنوبيا
الملكة زنوبيا
كانت المسيحية قد رسخت في تدمر في القرن الرابع الميلادي، ولمّا أغلقت المعابد الوثنية زمن الإمبراطور تيودوسيوس في نهاية ذلك القرن، تم تحويل الهياكل الرئيسية في معبد بل ومعبد بعلشمين وغيرهما إلى كنائس. وفي أواخر القرن الخامس والقرن السادس الميلادي كانت تدمر إحدى مراكز الغسانيين حلفاء دولة الروم. وقد روى المؤرخ بروكوبيوس أن الإمبراطور البيزنطي جستينيان (527- 565 م) سعى لتدعيم أسوار تدمر بإضافة أبراج مستديرة لها، كما تم في عهده إصلاح شبكة المياه.
وفي العام 634م فتح خالد بن الوليد (قائد الجيوش الإسلامية) تدمر سلماً، واستعادت تدمر في ظل الأمويين قدراً من أهيمتها السابقة، ثم أهملت زمن الخلافة العباسية.
في بداية القرن الحادي عشر أصابها زلزال عظيم هدم أبنيتها ومات تحت الأنقاض قسم من سكانها. ثم نهضت المدينة من جديد أيام البوريين، أتابكة (الملوك ,الوزير الكبير ,الأمراء البارزون) دمشق في القرن الثاني عشر الميلادي والأيوبيين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي حتى أيام المماليك في القرن الثالث عشر الميلادي واستمر ذلك إلى القرن الخامس عشر الميلادي. وفي تلك الأيام صار معبد بل الحصن الذي يضم معظم البلدة وغدا هيكله المركزي مسجداً جامعاً، حيث يشيد ابن فضل الله العمري في القرن الرابع عشر الميلادي ببيوت تدمر وبساتينها وتجارتها.
وتسارع سوء حال تدمر أيام العثمانيين ( 1516_ 1919 م )، وآل أمرها إلى قرية تعاني غزوات البدو. أما القلعة التي تشرف على تدمر، وتسمى باسم القلعة العربية فيعتقد أن بانيها هو فخر الدين المعني (1595-1634م) مع خلاف حول ذلك.
وقد نهضت تدمر بعد استقلال سورية ونشأت مدينة جديدة صممت على شكل مخطط شطرنجي شمال شرق المدينة الأثرية، حيث عادت هذه المدينة من جديد لتكون سيدة البادية وعقدة أساسية في مواصلاتها.
4. استكشاف تدمر
غدت تدمر وملكتها النبيلة الشجاعة قصة أسطورية تخلب الألباب في العالم الغربي بعد عصر النهضة. وأوحت تدمر وزنوبيا لأدباء فرنسيين، مثل دوبينياك ولابرويير وموليير عدة مسرحيات، كما تم تمثيلهما بالرسم والسجاد. وقد دفعت هذه الشهرة الكبيرة الكثيرين من الرحالة الأوربيين للمخاطرة بزيارتها، منهم الإيطالي دلاّفالي (عامي 1616 و1625م) والفرنسي تافرنييه (1638م)، وتلاهما تجار إنكليز وآخرون من مختلف البلدان الأوربية، وقام الإنكليزيان وود و دوكنس عام 1751م بزيارة تدمر، ومسحها أثرياً، وكان كتابهما "أطلال تدمر" الذي نشر بالفرنسية والإنكليزية عام 1753 فاتحة الدراسات المنهجية عن تدمر، وعلى أثره قام الفرنسي بارتلمي والإنكليزي سوينتون بتفسير الكتابات التدمرية، وتلا هذه الزيارة زيارة العشرات من الباحثين والرسامين.
وفي عام 1881م اكتشف الأرمني الروسي أباماليك لازاريف نص القانون المالي التدمري الذي نقل فيما بعد إلى متحف الأرميتاج في سان بطرسبرغ الروسية، وهو أطول النصوص المالية من ذلك الزمن وأكثرها أهمية. ثم نشر الألماني فيغاند مؤلفاً ضخماً عن تدمر بعد أعمال أثرية فيها خلال 1902 و 1917. وأرسلت الأكاديمية الفرنسية بعثة لنسخ الكتابات التدمرية في عام 1914م، وآل المشروع في النهاية لنشر مؤلف "جامع الكتابات السامية" والجزء الثاني منه مخصص لتدمر. واعتباراً من عام 1924 بدأ الدنماركي هرالد إنغولت أعمال تنقيب في تدمر، وفي عام 1929 نقلت بلدة تدمر من داخل المعبد إلى مكانها الحالي بمساع من العالم الفرنسي هنري سيريغ، وبعد الاستقلال قامت السلطات الأثرية السورية بالتنقيب في تدمر وترميم آثارها، ومازالت هذه الأعمال مستمرة حتى الآن.
5. الأوابد الأثرية في تدمر
كان من نتائج الحفريات الأثرية وأعمال الترميم اكتشاف روعة الأوابد الأثرية التي تحفل بها تدمر من معابد وساحات وشوارع وأعمدة وحمامات ومباني عامة ويمكن تلخيص أهم هذه الأوابد كما يلي:
يعود بناؤه للقرن الأول الميلادي واكتماله إلى القرن الثاني الميلادى. وكان مكرسا للرب بل بصورة أساسية. يتألف المعبد من ساحة رحيبة مربعة مغلقة أبعادها 210×205م، ويتوسطها الحرم (السيلا)،وهو مأوى صنم الرب الرئيسي. يحيط بالساحة رواق محمول على أعمدة ذات تيجان كورنثية، تتوضع في الرواق الغربي على صف واحد في زاويته الشمالية بقايا درج لولبي كان يؤدي إلى سطح الرواق، أما الأروقة الثلاثة الأخرى فهي ذات صفين من الأعمدة، في منتصفها حوامل لرفع تماثيل كبار الرجال تخليداً لهم. وفي الحرم نشاهد إلى اليسار بقايا أساس غرفة المائدة والمذبح، وإلى اليمين بقايا البركة المقدسة. يحيط بالحرم رواق أعمدة وتيجان بزخارفها الكورنثية من البرونز المذهب، وتم حمل سقف الرواق على جسور ضخمة من الحجر المنحوت نقشت عليها مشاهد دينية وأسطورية وزخارف حيوانية ونباتية وهندسية.
يقع معبد نبو غربي قوس الشارع الطويل المعروفة باسم "قوس النصر"، والرب نبو هو ابن الرب بل- مردوخ، وأمين سر مجمع الأرباب. بني هذا المعبد في القرن الأول الميلادي على شكل شبه منحرف (85×78×44×60م). وللمعبد سور خارجي داخله باحة وفي منتصفه حرم.
يقع في الحي الشمالي من المدينة، ويعود للقرن الثاني الميلادي، يتألف المعبد من حرم(سيلا) وباحتين شمالية وجنوبية بهما أروقة. عتبة الحرم تحمل ستة أعمدة بجبهة مثلثة، ويوجد على حامل العمود الثاني كتابة تدمرية مؤرخة عام130/131م.
يقع في الحي الغربي من المدينة، ويعود إلى القرن الثاني الميلادي، يتألف من باحة مستطيلة يتوسطها حرم يتقدمه رواق من ستة أعمدة، اكتُشف فيه تمثال مرمري للربة اللات/أثينا، وتمثال أسد اللات.
وفي المدينة العديد من المعابد منها معبد أرصو، معبد عشتار … وغيرها.
المسرح
بني المسرح على شكل نصف دائرة قطرها 20م، تحفّ به مدرّجات الباقي منها (13) درجة. أمام الأوركسترا تقع منصة التمثيل ذات الأبعاد (48×5/10)م.
الشارع الطويل
يمتد من المدخل الرئيسي لمعبد بل إلى بوابة دمشق، ويتألف من أربعة أقسام، يمتد الأول منها من بوابة المعبد حتى القوس، وهو ذو طابع ديني لقربه من المعبد الكبير. والثاني يمتد بين القوس والمصلّبة "التترابيل". والثالث يمتد بين المصلبة وهيكل الموتى. والرابع ممتد حتى بوابة دمشق.
مجلس الشيوخ
بناء مستطيل بداخله إيوان كالحنية له مدرّج على شكل نعل حصان. قد يكون هذا المجلس للتجار أو مركزاً لشيخ السوق.
الآغورا
يتألف من باحة مربعة مغلقة لها أحد عشر مدخلاً لتسهيل حركة الدخول والخروج، وبقايا منصة تستخدم للخطابة.
المصلّبة (التترابيل)
وهي مفترق الطريقين الرئيسيين في المدينة، تتألف من مصطبة تحمل أربعة قواعد يعلوها أعمدة من الغرانيت بينها تمثال فوق قاعدة، وفوق الأعمدة تيجان كورنثية وسقوف وأفاريز مزخرفة.
معسكر ديوقلسيان
يقوم المعسكر فوق الحي الغربي بكامله بما فيه القصر الملكي. أقيم المعسكر من قبل الإمبراطورين ديوقلسيان ومكسيميان والقيصرين قسطنطين ومكسيمنان في عهد هيروقليس.
الأسوار
إن التجارة الدولية الواسعة واحتمالات المستقبل هي التي جعلت تدمر تقيم سوراً دفاعياً متيناً، طول محيطه (6 كم)، وعرضه (280-3000)، بني بأحجار منحوتة، ويشبه شكل السلحفاة، وهو مدعَّم بأبراج مربعة.
الأعمدة التذكارية
في المدينة عدة أعمدة تذكارية منفردة، أقيمت في أماكن بارزة لتكون حافزاً للأجيال، وذلك بأمر من مجلس الشيوخ والشعب، للأشخاص المبرزين الذين ساهموا في ازدهار المدينة، وأنعشوا اقتصادها.
نبع أفقا (الحمام الكبريتي)
هذا النبع هو سبب نشوء مدينة تدمر ولا يزال شريانها الحامل للخير في قلب الواحة، يتدفق الماء من كهفٍ في جوف جبل المنطار ويمتد أكثر من 350م، مياهه معدنية كبريتية، حرارتها ثابتة في كل الفصول (33 درجة سنتغراد)، ويصب (60 ليتراً) في الثانية.
الكنائس
في تدمر كنائس من القرن الخامس، إحداها قرب معبد بعلشمين يتقدمها رواق من ستة أعمدة، والثانية إلى الجنوب، كما توجد بقايا كنيسة ثالثة في الزاوية الشمالية لحمامات زنوبيا بين معبدي بل وبعلشمين.
هيكل الموتى
مدفن يعود لبداية القرن الثالث الميلادي، تتقدم المدفن عتبة يُصعد إليها بدرج يفضي إلى رواق معمد، فوقه جبهة مثلثة، عضاداته منقوشة بزخارف نباتية.
قلعة فخر الدين
وهي الأثر العربي الأبرز في تدمر، تُنسب هذه القلعة إلى الأمير فخر الدين المعني الثاني في بداية القرن السابع عشر الميلادي. وقد يعود أصل هذه القلعة إلى زمن الحروب الصليبية، إذ بنيت في عهد صلاح الدين. يوجد في القلعة بقايا الجسر المتحرك الذي أقيم فوق الخندق المحيط بالقلعة (وقد استفاد بناتها من حجارة الخندق)، ويبلغ ارتفاع القلعة 150م عن سطح المدينة.
· أنواع من المدافن في تدمر
1. المدافن البرجية
هي أقدم أنواع المدافن وتعود للقرن الأول قبل الميلاد، وهي مربعة الشكل ويقوم كل منها فوق مصطبة مدرّجة، ويتألف المدفن من عدة طوابق بينها درج حجري. وأجمل نماذج المدافن البرجية مدافن إيلابل ، ويمليكو، وكيتوت.
2. المدافن الأرضية
تعود للقرن الأول قبل الميلاد، وللمدفن مخطط ذو جناح رئيسي وأجنحة فرعية، كسيت من الداخل بطبقة من الجص، وعلى الجص نفذت بالألوان مشاهد من الحياة والأساطير وصور الموتى والزخارف الهندسية والنباتية والكتابات. وأجمل هذه المدافن مدفن الأخوة الثلاث ومدفن نصر اللات، ومدفن يرحاي وغيرها الكثير.
3. المدافن البيتية
تعود لنهاية القرن الأول الميلادي، يتألف المدفن من طابق واحد يتقدمه مدخل جميل وباب من الحجر المنحوت، في داخله باحة مكشوفة تحيط بها أروقة تحمل سقوفا، وحولها من الداخل مصاطب بنيت فيها المعازب، من أجمل هذه المدافن، مدفن عيلمي بن زبيدا، ومدفن القصر الأبيض، ومدفن قصر الحية.
وفي العام 634م فتح خالد بن الوليد (قائد الجيوش الإسلامية) تدمر سلماً، واستعادت تدمر في ظل الأمويين قدراً من أهيمتها السابقة، ثم أهملت زمن الخلافة العباسية.
في بداية القرن الحادي عشر أصابها زلزال عظيم هدم أبنيتها ومات تحت الأنقاض قسم من سكانها. ثم نهضت المدينة من جديد أيام البوريين، أتابكة (الملوك ,الوزير الكبير ,الأمراء البارزون) دمشق في القرن الثاني عشر الميلادي والأيوبيين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي حتى أيام المماليك في القرن الثالث عشر الميلادي واستمر ذلك إلى القرن الخامس عشر الميلادي. وفي تلك الأيام صار معبد بل الحصن الذي يضم معظم البلدة وغدا هيكله المركزي مسجداً جامعاً، حيث يشيد ابن فضل الله العمري في القرن الرابع عشر الميلادي ببيوت تدمر وبساتينها وتجارتها.
وتسارع سوء حال تدمر أيام العثمانيين ( 1516_ 1919 م )، وآل أمرها إلى قرية تعاني غزوات البدو. أما القلعة التي تشرف على تدمر، وتسمى باسم القلعة العربية فيعتقد أن بانيها هو فخر الدين المعني (1595-1634م) مع خلاف حول ذلك.
وقد نهضت تدمر بعد استقلال سورية ونشأت مدينة جديدة صممت على شكل مخطط شطرنجي شمال شرق المدينة الأثرية، حيث عادت هذه المدينة من جديد لتكون سيدة البادية وعقدة أساسية في مواصلاتها.
4. استكشاف تدمر
غدت تدمر وملكتها النبيلة الشجاعة قصة أسطورية تخلب الألباب في العالم الغربي بعد عصر النهضة. وأوحت تدمر وزنوبيا لأدباء فرنسيين، مثل دوبينياك ولابرويير وموليير عدة مسرحيات، كما تم تمثيلهما بالرسم والسجاد. وقد دفعت هذه الشهرة الكبيرة الكثيرين من الرحالة الأوربيين للمخاطرة بزيارتها، منهم الإيطالي دلاّفالي (عامي 1616 و1625م) والفرنسي تافرنييه (1638م)، وتلاهما تجار إنكليز وآخرون من مختلف البلدان الأوربية، وقام الإنكليزيان وود و دوكنس عام 1751م بزيارة تدمر، ومسحها أثرياً، وكان كتابهما "أطلال تدمر" الذي نشر بالفرنسية والإنكليزية عام 1753 فاتحة الدراسات المنهجية عن تدمر، وعلى أثره قام الفرنسي بارتلمي والإنكليزي سوينتون بتفسير الكتابات التدمرية، وتلا هذه الزيارة زيارة العشرات من الباحثين والرسامين.
وفي عام 1881م اكتشف الأرمني الروسي أباماليك لازاريف نص القانون المالي التدمري الذي نقل فيما بعد إلى متحف الأرميتاج في سان بطرسبرغ الروسية، وهو أطول النصوص المالية من ذلك الزمن وأكثرها أهمية. ثم نشر الألماني فيغاند مؤلفاً ضخماً عن تدمر بعد أعمال أثرية فيها خلال 1902 و 1917. وأرسلت الأكاديمية الفرنسية بعثة لنسخ الكتابات التدمرية في عام 1914م، وآل المشروع في النهاية لنشر مؤلف "جامع الكتابات السامية" والجزء الثاني منه مخصص لتدمر. واعتباراً من عام 1924 بدأ الدنماركي هرالد إنغولت أعمال تنقيب في تدمر، وفي عام 1929 نقلت بلدة تدمر من داخل المعبد إلى مكانها الحالي بمساع من العالم الفرنسي هنري سيريغ، وبعد الاستقلال قامت السلطات الأثرية السورية بالتنقيب في تدمر وترميم آثارها، ومازالت هذه الأعمال مستمرة حتى الآن.
5. الأوابد الأثرية في تدمر
كان من نتائج الحفريات الأثرية وأعمال الترميم اكتشاف روعة الأوابد الأثرية التي تحفل بها تدمر من معابد وساحات وشوارع وأعمدة وحمامات ومباني عامة ويمكن تلخيص أهم هذه الأوابد كما يلي:
معبد بل
يعود بناؤه للقرن الأول الميلادي واكتماله إلى القرن الثاني الميلادى. وكان مكرسا للرب بل بصورة أساسية. يتألف المعبد من ساحة رحيبة مربعة مغلقة أبعادها 210×205م، ويتوسطها الحرم (السيلا)،وهو مأوى صنم الرب الرئيسي. يحيط بالساحة رواق محمول على أعمدة ذات تيجان كورنثية، تتوضع في الرواق الغربي على صف واحد في زاويته الشمالية بقايا درج لولبي كان يؤدي إلى سطح الرواق، أما الأروقة الثلاثة الأخرى فهي ذات صفين من الأعمدة، في منتصفها حوامل لرفع تماثيل كبار الرجال تخليداً لهم. وفي الحرم نشاهد إلى اليسار بقايا أساس غرفة المائدة والمذبح، وإلى اليمين بقايا البركة المقدسة. يحيط بالحرم رواق أعمدة وتيجان بزخارفها الكورنثية من البرونز المذهب، وتم حمل سقف الرواق على جسور ضخمة من الحجر المنحوت نقشت عليها مشاهد دينية وأسطورية وزخارف حيوانية ونباتية وهندسية.
معبد نبو
يقع معبد نبو غربي قوس الشارع الطويل المعروفة باسم "قوس النصر"، والرب نبو هو ابن الرب بل- مردوخ، وأمين سر مجمع الأرباب. بني هذا المعبد في القرن الأول الميلادي على شكل شبه منحرف (85×78×44×60م). وللمعبد سور خارجي داخله باحة وفي منتصفه حرم.
معبد بعلشمين
تم التقاط هذه الصورة حوالي عام 1899 م
معبد اللات
يقع في الحي الغربي من المدينة، ويعود إلى القرن الثاني الميلادي، يتألف من باحة مستطيلة يتوسطها حرم يتقدمه رواق من ستة أعمدة، اكتُشف فيه تمثال مرمري للربة اللات/أثينا، وتمثال أسد اللات.
معبد يلحمون ومناة
يقع في قمة الجبل الغربي (المنطار)، بني عام 88م، والجدير بالذكر أن يلحمون رب كنعاني، ومناة ربة عربية. وفي المدينة العديد من المعابد منها معبد أرصو، معبد عشتار … وغيرها.
الحمامات
لها مدخل تتقدمه أربعة أعمدة غرانيتية، أقسامه (البارد والدافىء والحار) إضافة إلى قاعة مثمّنة الشكل تتوسطها فسقية مثمنة لترطيب الجو، ويلحق بها باحة للرياضة والاجتماعات أبعادها 22×20م ذات أروقة، تبلغ مساحة الحمامات 85×51م.
قوس النصر في تدمر
المسرح
بني المسرح على شكل نصف دائرة قطرها 20م، تحفّ به مدرّجات الباقي منها (13) درجة. أمام الأوركسترا تقع منصة التمثيل ذات الأبعاد (48×5/10)م.
الشارع الطويل
يمتد من المدخل الرئيسي لمعبد بل إلى بوابة دمشق، ويتألف من أربعة أقسام، يمتد الأول منها من بوابة المعبد حتى القوس، وهو ذو طابع ديني لقربه من المعبد الكبير. والثاني يمتد بين القوس والمصلّبة "التترابيل". والثالث يمتد بين المصلبة وهيكل الموتى. والرابع ممتد حتى بوابة دمشق.
مجلس الشيوخ
بناء مستطيل بداخله إيوان كالحنية له مدرّج على شكل نعل حصان. قد يكون هذا المجلس للتجار أو مركزاً لشيخ السوق.
الآغورا
يتألف من باحة مربعة مغلقة لها أحد عشر مدخلاً لتسهيل حركة الدخول والخروج، وبقايا منصة تستخدم للخطابة.
المصلّبة (التترابيل)
وهي مفترق الطريقين الرئيسيين في المدينة، تتألف من مصطبة تحمل أربعة قواعد يعلوها أعمدة من الغرانيت بينها تمثال فوق قاعدة، وفوق الأعمدة تيجان كورنثية وسقوف وأفاريز مزخرفة.
معسكر ديوقلسيان
يقوم المعسكر فوق الحي الغربي بكامله بما فيه القصر الملكي. أقيم المعسكر من قبل الإمبراطورين ديوقلسيان ومكسيميان والقيصرين قسطنطين ومكسيمنان في عهد هيروقليس.
الأسوار
إن التجارة الدولية الواسعة واحتمالات المستقبل هي التي جعلت تدمر تقيم سوراً دفاعياً متيناً، طول محيطه (6 كم)، وعرضه (280-3000)، بني بأحجار منحوتة، ويشبه شكل السلحفاة، وهو مدعَّم بأبراج مربعة.
الأعمدة التذكارية
في المدينة عدة أعمدة تذكارية منفردة، أقيمت في أماكن بارزة لتكون حافزاً للأجيال، وذلك بأمر من مجلس الشيوخ والشعب، للأشخاص المبرزين الذين ساهموا في ازدهار المدينة، وأنعشوا اقتصادها.
نبع أفقا (الحمام الكبريتي)
هذا النبع هو سبب نشوء مدينة تدمر ولا يزال شريانها الحامل للخير في قلب الواحة، يتدفق الماء من كهفٍ في جوف جبل المنطار ويمتد أكثر من 350م، مياهه معدنية كبريتية، حرارتها ثابتة في كل الفصول (33 درجة سنتغراد)، ويصب (60 ليتراً) في الثانية.
الكنائس
في تدمر كنائس من القرن الخامس، إحداها قرب معبد بعلشمين يتقدمها رواق من ستة أعمدة، والثانية إلى الجنوب، كما توجد بقايا كنيسة ثالثة في الزاوية الشمالية لحمامات زنوبيا بين معبدي بل وبعلشمين.
هيكل الموتى
مدفن يعود لبداية القرن الثالث الميلادي، تتقدم المدفن عتبة يُصعد إليها بدرج يفضي إلى رواق معمد، فوقه جبهة مثلثة، عضاداته منقوشة بزخارف نباتية.
القلعة العربية في تدمر
قلعة فخر الدين
وهي الأثر العربي الأبرز في تدمر، تُنسب هذه القلعة إلى الأمير فخر الدين المعني الثاني في بداية القرن السابع عشر الميلادي. وقد يعود أصل هذه القلعة إلى زمن الحروب الصليبية، إذ بنيت في عهد صلاح الدين. يوجد في القلعة بقايا الجسر المتحرك الذي أقيم فوق الخندق المحيط بالقلعة (وقد استفاد بناتها من حجارة الخندق)، ويبلغ ارتفاع القلعة 150م عن سطح المدينة.
المدافن البرجية في تدمر
· أنواع من المدافن في تدمر
1. المدافن البرجية
هي أقدم أنواع المدافن وتعود للقرن الأول قبل الميلاد، وهي مربعة الشكل ويقوم كل منها فوق مصطبة مدرّجة، ويتألف المدفن من عدة طوابق بينها درج حجري. وأجمل نماذج المدافن البرجية مدافن إيلابل ، ويمليكو، وكيتوت.
2. المدافن الأرضية
تعود للقرن الأول قبل الميلاد، وللمدفن مخطط ذو جناح رئيسي وأجنحة فرعية، كسيت من الداخل بطبقة من الجص، وعلى الجص نفذت بالألوان مشاهد من الحياة والأساطير وصور الموتى والزخارف الهندسية والنباتية والكتابات. وأجمل هذه المدافن مدفن الأخوة الثلاث ومدفن نصر اللات، ومدفن يرحاي وغيرها الكثير.
3. المدافن البيتية
تعود لنهاية القرن الأول الميلادي، يتألف المدفن من طابق واحد يتقدمه مدخل جميل وباب من الحجر المنحوت، في داخله باحة مكشوفة تحيط بها أروقة تحمل سقوفا، وحولها من الداخل مصاطب بنيت فيها المعازب، من أجمل هذه المدافن، مدفن عيلمي بن زبيدا، ومدفن القصر الأبيض، ومدفن قصر الحية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق