بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 سبتمبر 2017

حول الموقع

تتضمن هذه المدونة مجموعة من المواقع السياحة السورية المهمة والتي تعتبر نقطة جذب سياحي, حيث تم إضافة مجموعة من الصور والمواقع الالكترونية والفيديوهات التي تشرح تاريخ سوريا والحضارات التي مرت عليها.
كما تم وضع أرشيف لمنشورات المدونة, ويمكنكم أعزائي الزوار الإتصال بنا لتحسين المدونة وإبداء آرائكم في أسفل المدونة.


وشكرا لكم.

من أنا

زوار المدونة الأعزاء أعرفكم بنفسي:

اسمي: فجر عبود

المستوى العلمي: إجازة في السياحة / قسم الإدارة الفندقية

طالب ماجستير في كلية السياحة / سنة ثانية/ اختصاص تخطيط وإدارة التنمية السياحية المستدامة /

مواقع صديقة

وزارة السياحة في الجمهورية العربية السورية

سوريا نبض الحياة

سوريا تبقى الأحلى

جولة سورية

هذا رابط
مواقع سورية

جولة في الذاكرة السورية

الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

جزيرة أرواد



•قامت مدينة أرواد السورية على جزيرة تحمل الاسم نفسه، وتتمتع بتاريخ عريق. وتقع الجزيرة أمام السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، قبالة البر السوري وعلى بعد 4150 متراً جنوب غرب مدينة طرطوس، وعلى بعد 2450 متر عن خط الساحل السوري. 
•وتتكون الجزيرة من توضعات طينية حديثة تعود للحقب الجيولوجي الرابع تغطي صخوراً رملية تعرف بحجر "الرملة"، وترسم هذه الصخور عند التقائها بالبحر شرفات وجروفاً ساحلية ويمتد لسانان صغيران على طرفي الجزيرة. وتحيط بالجزيرة مجموعة صغيرة من الجزر يسمين "بنات أرواد".
•أما سكان الجزيرة فهم من أحفاد الفينيقيين الذين اعتنقوا الإسلام، ويعتقد أنهم في الأصل من مدينة صيدا.
•لقد تعرضت أرواد للغزو عدة مرات خلال تاريخها الطويل، ومع ذلك حافظ السكان على أصالتهم عشرات القرون. ولأبناء أرواد شهرة واسعة في العمل البحري وهم مفضلون لمهارتهم وصبرهم. وقد مرت الجزيرة بحالات مختلفة في تاريخها الطويل منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد حتى اليوم، وأجلي سكانها عنها قرابة عام خلال الحرب العالمية الأولى وقصفها الألمان عام 1917، لتحولها إلى قاعدة فرنسية منذ أيلول 1915.
•أما تسمية أرواد فنجد أنها باليونانية (أرادوس Arados) وبالفينيقية آراد وتعني الملجأ. وهناك عدة أماكن تحمل نفس التسمية أمام الساحل الفلسطيني وفي الخليج العربي وبالقرب من جزيرة كريت، إلا أن كل الدلائل تشير إلى أن مؤسسي هذه الأماكن كانوا من الفينيقيين وبالتالي تعزز معنى الاسم وهو "ملجأ الهاربين”
وقد كانت الجزيرة مسكونة منذ زمن بعيد، لكن استمرار السكن على هذه المساحة الضيقة لم يسمح بالعثور على دلائل هذا الماضي البعيد لأن أرضها صخرية ومن دون طبقات، كما أن أبنيتها مكتظة تعيق أية عملية تنقيب، وقد وجدت شواهد على الاستيطان الإنساني على اليابسة تعود إلى العصر الحجري الحديث (النيوليتيك) والمتوسط (الميزوليتيك


•لقد كانت أرواد مدينة مزدهرة منذ الألف الثاني قبل الميلاد، ثم وقعت تحت نفوذ صور، إلا أنها استقلت عنها وأخذت تنمو وتزدهر وتمتد لتؤسس مستعمرات وتنشئ مدناً على الشاطئ لضرورات اقتصادية ودينية ودفاعية وسميت هذه المستعمرات أيضاً بنات أرواد. وقد توغل الأرواديون في الداخل فأقاموا معابداً وقلاعاً كهيكل (بيتوخيخي)، و(سيجون)، وأسهموا في تأسيس مدينة طروادة وانترادوس (وهي طرطوس الحالية) وعمريت. وقد ورد ذكر أرواد في رسائل تل العمارنة وفي حوليات ملوك آشور والنقوش الفينيقية.
•احتل سرجون الأول مؤسس الدولة الأكادية أرواد (خلال النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد). ثم اشتركت الجزيرة مع الحثيين في حربهم ضد المصريين في معركة قادش (القرن الثالث عشر قبل الميلاد). وعندما أغارت شعوب البحر على أوغاريت، كانت أرواد أوفر حظاً، إذ نجت من الغزو، وأصبحت من أبرز المدن على الساحل. إلا أنها خضعت للملك الآشوري تغلات بلاصر الأول ثم آشور ناصربال. غير أن الأرواديين استردوا معنوياتهم واتحدوا مع ملوك سورية الآراميين عام 854 ق.م ليحاربوا جيش شلمانصر الثالث الذي تمكن فيما بعد من فرض الغرامات على أرواد. وفي عام 727 ق.م استعان شلمانصر الخامس بأسطول أرواد. وفي عام 650 ق.م أعلن ملك أرواد الخضوع لآشور بانيبال ملك آشور. وفي عام 604 دخلت في نفوذ نبوخذ نصّر الكلداني.


•وفي عام 539 ق.م أصبحت أرواد جزءاً من الإمبراطورية الأخمينية الفارسية وغدت الولاية الخامسة، وسمح لها بممارسة الحكم الذاتي ودفعت بأسطولها إلى جانب الفرس في حربهم ضد الأثينيين في معركة سلاميس عام 480 ق.م. وعند غزو الاسكندر المقدوني البلاد عام 333 ق.م. قدمت أرواد الخضوع له لكنه لم يغزُ الجزيرة بل أعطاها استقلالاً ذاتياً، وأخذت أرواد تسك النقود باسم الاسكندر.

•كان لأرواد شأن مهم في النزاع بين البطالمة والسلوقيين لهذا منحها أنطيوخوس الثاني استقلالها ليضمن مساعدة بحريتها وتمتعت وقتها بامتيازات المدينة الحرة. واعتبر العام 259 ق.م نقطة بدء التأريخ لديها. وتدخل الأرواديون في نزاع السلوقيين بين بعضهم حيث وقفوا إلى جانب سلوقس الثاني، واضطر أنطيوخيوس الرابع إلى إخضاعهم بعد مقاومة، ثم تحالف معهم. وأعاد أنطيوخيوس السابع إلى أرواد حريتها ليكسب مساعدتها،.
•وبصورة عامة كان لأرواد نفوذ عظيم على طول سواحل سورية.
•وفي عام 64 ق.م احتل الرومان بقيادة القائد الروماني بومبيوس سورية، إلا أن أرواد حافظت على استقلالها النسبي، وأيدت القائد الروماني بومبيوس عند خلافه مع قيصر، واستخفت بعملاء أنطونيوس ورفضت دفع الجزية إلا أن المجاعة التي نتجت عن الحصار دفعتها إلى الاستسلام. واحتفظت أرواد في تلك الآونة بمؤسساتها الهيلنستية وكانت الوحيدة التي حافظت على حريتها. إلا أنها أخذت تخبو وتضعف، وبدأ نجم المدينة المقابلة انترادوس (طرطوس) بالتألق ليأخذ مكانها. ومن الجدير بالذكر أن القديس بولس وصل أرواد وهو في طريقه إلى روما وأعجب بتماثيلها وبشر سكانها بالدين المسيحي. 
•لم تدخل أرواد الفتح العربي مع سورية بل بقيت قاعدة بحرية بيزنطية إلى أن قرر معاوية بن أبي سفيان فتحها وتم له ذلك عام 45 هـ/ 676م. ولكن الجزيرة أعيد استخدامها كقاعدة بحرية لأساطيل الدول الإيطالية في حقبة الغزو الفرنجي واستقر فيها فرسان الهيكل فزادوا من تحصينها، وأصبحت الجزيرة المركز الرئيسي ليعقوب الطرطوسي للإغارة على الساحل بين وقت وآخر إلى أن حررها قائد الأسطول سيف الدين كهرداش الرزاق المنصوري في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون عام 702 هـ/ 1302م ودمرت أسوارها في الصراع.
•بعد ذلك تناوب على أرواد المماليك ثم أهملت. وأتى العثمانيون وحسنوا في قلعتها زمن السلطان سليمان القانوني، وشيد فيها حصنان صغيران، وتم نقل إليها السكان من قلعتي المرقب وصلاح الدين وخصصت لهم رواتب وحصلت بينهم مناوشات وبين قراصنة البحر وأسروا بعضاً منهم.
•وفي الحرب العالمية الأولى نزلت فيها البحرية الفرنسية وأخضعتها لفرنسا عام 1915م حيث أصبحت تمهر فيها المعاملات بخاتم حكومة أرواد، قبل أن يتم ضمها إلى سورية بعد معاهدة سايكس-بيكو، وقد جعلت فرنسا قلعتها معتقلاً للأحرار والرجالات الوطنيين إبان فترة الاحتلال الفرنسي الذي انتهى عام 1946.

متحف أرواد



•موقع المتحف:
•ضمن قلعة أرواد الأثرية التي تتوسط جزيرة أرواد، والتي يعود تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، وتضم آثار صليبية ومملوكية وعثمانية.
•يُعرض في المتحف لوحات فسيفساء، قواعد تماثيل حجرية نقش عليها نصوص لاتينية، أمفورات فخارية، أجزاء تماثيل نذرية، برونزيات مختلفة، نمازج مراكب شراعية، نحاسيات تقليدية، صدفيات بحرية نادرة، أدوات صيد بحري.

أقسام المتحف
•قسم الآثار:
يضم هذا القسم 22 خزانة موزعة في عدد من القاعات المنفصلة عن بعضها البعض، وقد تمّ توزيع المعروضات فيها حسب المواقع الجغرافية التابعة للجزيرة تاريخياً.
•قاعتان لمكتشفات أرواد:
تحوي آثاراً من الفترة الإغريقية والرومانية والبيزنطية: جرار، صحون فخارية، أباريق، قمع فخاري، كانت قد وُجدت في الجزيرة وفي المياه الإقليمية السورية وهي مختلفة الأشكال والأحجام يعلو بعضها طبقة من الترسبات الكلسية أكسبتها شكلاً جميلاً.



•قاعتان لموقع عمريت:

يقع هذا الموقع جنوب طرطوس على بعد حوالي 3كم مقابل أرواد، وقد ازدهر خلال القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد. تضم هاتان القاعتان مجموعة من الآثار الحجرية والفخارية تعود إلى عهود مختلفة: لوحات فسيفساء، أواني فخارية مختلفة، أجزاء تماثيل حجرية نذريه، نقود.

•قاعتان لآثار تل كزل:
يقع هذا الموقع جنوب طرطوس على بعد حوالي 18كم على نهر الأبرش، ويُعتبر من أكبر التلال الأثرية الواقعة في فجوة حمص، والذي كان له صلة بأرواد خلال الألف الأول قبل الميلاد. تضم القاعتان آثاراً من العصر البرونزي الحديث وقطع من الفترة الهيلنستية والرومانية والبيزنطية وفخار مسيني وقبرصي بأشكال وإحجام مختلفة: سرج، أباريق، دماعات، أدوات برونزية، جِرار.

•قاعتان للتنقيبات البحرية:
تضم مجموعةً كبيرة من الامفورات الفخارية التي تعود إلى القرن الثالث عشر، وهي منتشلة من سفينة غارقة في البحر قبالة الشاطئ المهجور من قبل البعثة السورية-اليابانية المشتركة؛ كما تضمان مجموعة من الآثار الحجرية المختلفة المعروضة في حديقة المتحف

•قاعة النقود: تضم مجموعة من القطع النقدية البرونزية من الفترة الرومانية والبيزنطية والإسلامية بالإضافة لمجموعة من القطع البرونزية (مشابك – مخارز – أساور – خواتم).




•قسم التقاليد الشعبية:
يضم ما يتعلق بالحياة الاجتماعية لسكان الجزيرة في 19 خزانة موزعة في عدد من القاعات:
1_ قاعتان للنحاسيات التقليدية:
وتضمان مجموعةً مختلفة الأشكال من الأدوات النحاسية التي تستخدم لأغراض منزلية مختلفة: صحون، قدور، مصبات قهوة، كؤوس، طاسات حمام، عدة تزيين.
2_ قاعة الصدفيات البحرية:
وتحوي مجموعة مختلفة الأشكال والأحجام من الأصداف البحرية الجميلة والنادرة.
3_ قاعة المراكب:
وتضم نماذجَ لمراكب شراعية بأنواعها المختلفة: السكونا، الغيظ، الكيك، الفلوكة؛ والتي استخدمت من قبل أهالي الجزيرة حتى عهد قريب وهي من صنع محلي.
4_ قاعة الصيد البحري:
وتضم مجموعة من أدوات الصيد التي استخدمها الصياد الأروادي، والتي تبين طرق صيد السمك والإسفنج: شباك صيد، صنارات، أجهزة غطس، بنادق صيد بحرية، إسفنج بحري.

5_قاعة الفن الحديث:وتضم مجموعة من اللوحات الزيتية والمائية التي تصور الحياة الاجتماعية لسكان الجزر.

أهم القطع التي تم العثور عليها في أرواد

1- قمع فخاري مثقوب في أسفله له شفة سميكة بارزة نحو الخارج ومزين بخطوط دائرية طفيفة وعليه بقايا ترسبات بحرية، وقد استخدم هذا القمع في استخراج المياه العذبة من قاع البحر خلال فترات تاريخية مختلفة، حيث كان يوضع القمع فوق فوهة النبع الفوار في قاع البحر على أعماق قليلة، ويتم رفع المياه إلى السطح بواسطة أنابيب نحاسية أو جلدية ليتم إيصالها إلى الجزيرة بواسطة القوارب أو الأنابيب إن كانت قريبة من الشاطئ


2- قاعدة تمثال من الحجر البازلتي ارتفاعها 84سم نقش عليها نص لاتيني موضوعه حربي، وهذا التمثال مقدم من مجلس الشيوخ والشعب لأهالي مدينة أرواد
3- لوحة فسيفساء طولها 192سم وعرضها 142سم وُجدت في موقع عمريت، تمثل رأساً لربة يعلوها كتابة لاتينية، ومحاطة بإطار من التشكيلات الهندسية، وقد نفِّذت اللوحة بعدة ألوان. ويوجد أسفل الصورة كتابة لاتينية مضمونها "لا تكن مستغِلاً لقوتك".


4- تمثال من الحجر الرملي ارتفاعه 29سم وُجد أيضاً في عمريت، يمثل طفلاً بحالة الجلوس تنثني رجله اليسرى إلى الأمام، أما اليمنى فتنثني أمام الجزع، واضعاً يده اليمنى على ركبته واليسرى منسدلة ممدودة حتى القاعدة.
5- نموذج مركب شراعي من صنع أهالي المنطقة، ذو ثلاث صواري. وهو من نوع السكونا، كان يستخدم منذ فترة طويلة وحنى عهد قريب للأعمال التجارية لنقل البضائع بالعلاقات التجارية التي كانت تتم بين أهالي المنطقة ودول حوض البحر الأبيض المتوسط

"ولا بد من أن نذكر اكتشاف أقدم تمثال من الطين مكتشف في سورية في موقع جزيرة أرواد محفوظ في متحف دمشق".


الاثنين، 18 سبتمبر 2017

الحضارات التي مرت على سوريا


مدينة تدمر الأثرية




مدينة تدمر الأثرية

1. الموقع الجغرافي:
تتوسط تدمر بادية الشام وتقع على بعد 243 كيلومتر من دمشق و 150 كيلومتر من حمص شرقاً، عند معبر جبلي اضطراري على سفح جبل المنطار من سلسلة الجبال التدمرية، في حوضة نبع غزير الماء. وقد خلق هذا النبع واحة خضراء أصبحت مكان استراحة بين العراق والشام، ومحطة للقوافل بين الخليج العربي وبلاد فارس والبحر الأبيض المتوسط.


2. اسم المدينة:
يعود أقدم ذكر لتدمر باسمها الحالي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، ولا يعرف لهذا الاسم معنى مؤكد, على أنه من المنطقي والمقبول أن يكون اسمها قد اشتق من «دَمَر»، التي تعني "حَمَى"، في اللهجات العربية من لغات الجزيرة العربية القديمة، وقد تمت تسميتها باللغات الإغريقية واللاتينية واللغات التي تطورت عنهما اسم "بالميرا” Palmyra المشتق من اسم النخيل.


3. تدمر عبر العصور

تدمر في عصور ما قبل التاريخ


كان المنخفض القائم إلى الجنوب الشرقي من موقع تدمر، والمعروف باسم الملاّحة، بحيرة واسعة عذبة في العصر الحجري القديم، ترتادها الطرائد التي كان يقتات منها الإنسان القديم، والذي كان يأوي إلى الجبال المجاورة. وقد ترك لنا أدواته الحجرية في جرف العجلة والثنية البيضا والدوّارة، ولاسيما من النموذج الموستيري، الذي يرقى إلى قرابة 75 ألف عام.
وقد وجد الباحثون شواهد من العصر الحجري الحديث في الأكمات المجاورة للنبع والواحة، وهي ترقى للألف السابع قبل الميلاد. وثمة شواهد من أزمنة أكثر حداثة في التل الأثري الذي يقوم عليه معبد بل.
أدت أعمال التنقيب في التل المذكور إلى اكتشاف فخار سوري من أواخر العصر المعروف باسم البرونز القديم في حدود ( 2200 إلى 2100 ق.م ). لكن أقدم نصوص تذكر تدمر باسمها الحالي وجدت في مستعمرة كانيش الآشورية (كولتبة) بمقاطعة كبادوكية في الأناضول. وهي من مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وتليها نصوص عثر عليها في مدينة ماري (تل الحريري على الفرات), تعود للقرن التاسع عشر قبل الميلاد، وأخرى من إيمار ( مسكنة على الفرات) من القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كما ذكرت تدمر باسمها الحالي أيضاً في حوليات الملك الآشوري تغلات بيلاصّر الذي عاش في القرن الحادي عشر قبل الميلاد (1112-1074 ق.م).

تدمر أيام السلوقيين والرومان

سلوقس الأول
مؤسس الدولة السلوقية في سورية

لا يوجد الكثير مما نعرفه عن تدمر في زمن الدولة البابلية الحديثة (الكلدانية 612 – 539 ق.م) أو في أيام الدولة الأخمينية (الفارسية 538 – 333 ق.م) لكن من المؤكد أنها كانت مدينة مهمة في العصر السلوقي (312 – 64 ق.م).
ظلت تدمر إمارة عربية ذات حكم ذاتي طوال عصر الدولة السلوقية في بلاد الشام، شأنها في ذلك شأن إمارة حمص ومملكة الأنباط في بترا والإيتوريين في لبنان وغيرهم. ويذكر المؤرخ بوليبيوس اشتراك أمي يحمل اسماً تدمرياً هو «زبديبل» مع عشرة آلاف عربي بنصرة السلوقيين على البطالمة في معركة رفح (217 ق.م).
احتفظت تدمر باستقلالها بعد احتلال الرومان لسورية عام 64 ق.م، وفقاً لكتابات المؤرخين بلينيوس الأكبر وأبيانوس، اللذين يذكران أهمية دورها التجاري بين الفرس والرومان. وتم إلحاق تدمر بالإمبراطورية الرومانية في أواسط القرن الأول الميلادي، ثم اشتركت اشتراكاً فعالاً في مشروعات الدولة الرومانية، وقام رماتها ومختلف قواتها بحماية حدودها من الصحارى العربية حتى حوض الدانوب وشمال إنكلترة، وانتقل لها دور البتراء التجاري بعد سقوط دولة الأنباط عام 106م.



الإمبراطور هادريان


منح الإمبراطور هادريان (117-138م) تدمر وضع المدينة الحرة، الذي يؤهلها لسن قوانينها وتحديد رسومها. ونشطت نشاطاً واسعاً في كل النواحي، ولاسيما في ميدان اقتصاد القوافل والتوسع التجاري والمعماري والفني، وأعطاها الإمبراطور كركلا من السلالة السيفيرية صفة المستعمرة الرومانية في عام 212م، عندما منح المواطنية الرومانية لجميع السكان الأحرار في الإمبراطورية.

كان من نتائج صعود السلالة الساسانية في فارس ووصولها إلى الفرات عام 228م، فقدان تدمر لسيطرتها على الطرق التجارية المارة في شط العرب والخليج العربي مما أدى لتعرضها إلى مصاعب مالية كبيرة، لم تستطع حتى روما أن تساعدها في التخلص منها، إلى أن قام حاكم الولاية السورية الملك العربي أذينة الذي بدأ حكمه عام 258م بقهر الفرس، ورد قواتهم مرتين إلى عاصمتهم المدائن (طيسفون) في عامي 262م و 267م، وقد تمتع أذينة بكل الألقاب الرفيعة اللائقة، حيث أصبح الحاكم العام في عهد الإمبراطور فاليريان، وحصل على لقب «مصلح الشرق كله» ولقب «ملك الملوك».

بعد مقتل أذينة وولي عهده هيروديان في ظروف غامضة عام 267 أو 268م، قامت زوجته زنوبيا بالوصاية على ابنهما (وهب اللات) واتخذت معه ألقاب الأباطرة، واحتلت مصر والأناضول إضافة إلى بلاد الشام، إلا أن ذلك وضعها في حالة صدام مع الإمبراطور الروماني أورليان، الذي سقطت تدمر بيده عام 272م، وتم أسر الملكة العربية. وقد ظل مصيرها موضع خلاف بين المؤرخين ولكنها تركت قصة حياة رائعة دخلت ميدان الأسطورة.
تدمر بعد زنوبيا



   الملكة زنوبيا


كانت المسيحية قد رسخت في تدمر في القرن الرابع الميلادي، ولمّا أغلقت المعابد الوثنية زمن الإمبراطور تيودوسيوس في نهاية ذلك القرن، تم تحويل الهياكل الرئيسية في معبد بل ومعبد بعلشمين وغيرهما إلى كنائس. وفي أواخر القرن الخامس والقرن السادس الميلادي كانت تدمر إحدى مراكز الغسانيين حلفاء دولة الروم. وقد روى المؤرخ بروكوبيوس أن الإمبراطور البيزنطي جستينيان (527- 565 م) سعى لتدعيم أسوار تدمر بإضافة أبراج مستديرة لها، كما تم في عهده إصلاح شبكة المياه.
وفي العام 634م فتح خالد بن الوليد (قائد الجيوش الإسلامية) تدمر سلماً، واستعادت تدمر في ظل الأمويين قدراً من أهيمتها السابقة، ثم أهملت زمن الخلافة العباسية.
في بداية القرن الحادي عشر أصابها زلزال عظيم هدم أبنيتها ومات تحت الأنقاض قسم من سكانها. ثم نهضت المدينة من جديد أيام البوريين، أتابكة (الملوك ,الوزير الكبير ,الأمراء البارزون) دمشق في القرن الثاني عشر الميلادي والأيوبيين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي حتى أيام المماليك في القرن الثالث عشر الميلادي واستمر ذلك إلى القرن الخامس عشر الميلادي. وفي تلك الأيام صار معبد بل الحصن الذي يضم معظم البلدة وغدا هيكله المركزي مسجداً جامعاً، حيث يشيد ابن فضل الله العمري في القرن الرابع عشر الميلادي ببيوت تدمر وبساتينها وتجارتها.
وتسارع سوء حال تدمر أيام العثمانيين ( 1516_ 1919 م )، وآل أمرها إلى قرية تعاني غزوات البدو. أما القلعة التي تشرف على تدمر، وتسمى باسم القلعة العربية فيعتقد أن بانيها هو فخر الدين المعني (1595-1634م) مع خلاف حول ذلك.
وقد نهضت تدمر بعد استقلال سورية ونشأت مدينة جديدة صممت على شكل مخطط شطرنجي شمال شرق المدينة الأثرية، حيث عادت هذه المدينة من جديد لتكون سيدة البادية وعقدة أساسية في مواصلاتها.


4. استكشاف تدمر




غدت تدمر وملكتها النبيلة الشجاعة قصة أسطورية تخلب الألباب في العالم الغربي بعد عصر النهضة. وأوحت تدمر وزنوبيا لأدباء فرنسيين، مثل دوبينياك ولابرويير وموليير عدة مسرحيات، كما تم تمثيلهما بالرسم والسجاد. وقد دفعت هذه الشهرة الكبيرة الكثيرين من الرحالة الأوربيين للمخاطرة بزيارتها، منهم الإيطالي دلاّفالي (عامي 1616 و1625م) والفرنسي تافرنييه (1638م)، وتلاهما تجار إنكليز وآخرون من مختلف البلدان الأوربية، وقام الإنكليزيان وود و دوكنس عام 1751م بزيارة تدمر، ومسحها أثرياً، وكان كتابهما "أطلال تدمر" الذي نشر بالفرنسية والإنكليزية عام 1753 فاتحة الدراسات المنهجية عن تدمر، وعلى أثره قام الفرنسي بارتلمي والإنكليزي سوينتون بتفسير الكتابات التدمرية، وتلا هذه الزيارة زيارة العشرات من الباحثين والرسامين.
وفي عام 1881م اكتشف الأرمني الروسي أباماليك لازاريف نص القانون المالي التدمري الذي نقل فيما بعد إلى متحف الأرميتاج في سان بطرسبرغ الروسية، وهو أطول النصوص المالية من ذلك الزمن وأكثرها أهمية. ثم نشر الألماني فيغاند مؤلفاً ضخماً عن تدمر بعد أعمال أثرية فيها خلال 1902 و 1917. وأرسلت الأكاديمية الفرنسية بعثة لنسخ الكتابات التدمرية في عام 1914م، وآل المشروع في النهاية لنشر مؤلف "جامع الكتابات السامية" والجزء الثاني منه مخصص لتدمر. واعتباراً من عام 1924 بدأ الدنماركي هرالد إنغولت أعمال تنقيب في تدمر، وفي عام 1929 نقلت بلدة تدمر من داخل المعبد إلى مكانها الحالي بمساع من العالم الفرنسي هنري سيريغ، وبعد الاستقلال قامت السلطات الأثرية السورية بالتنقيب في تدمر وترميم آثارها، ومازالت هذه الأعمال مستمرة حتى الآن.



5. الأوابد الأثرية في تدمر

كان من نتائج الحفريات الأثرية وأعمال الترميم اكتشاف روعة الأوابد الأثرية التي تحفل بها تدمر من معابد وساحات وشوارع وأعمدة وحمامات ومباني عامة ويمكن تلخيص أهم هذه الأوابد كما يلي:


معبد بل

يعود بناؤه للقرن الأول الميلادي واكتماله إلى القرن الثاني الميلادى. وكان مكرسا للرب بل بصورة أساسية. يتألف المعبد من ساحة رحيبة مربعة مغلقة أبعادها 210×205م، ويتوسطها الحرم (السيلا)،وهو مأوى صنم الرب الرئيسي. يحيط بالساحة رواق محمول على أعمدة ذات تيجان كورنثية، تتوضع في الرواق الغربي على صف واحد في زاويته الشمالية بقايا درج لولبي كان يؤدي إلى سطح الرواق، أما الأروقة الثلاثة الأخرى فهي ذات صفين من الأعمدة، في منتصفها حوامل لرفع تماثيل كبار الرجال تخليداً لهم. وفي الحرم نشاهد إلى اليسار بقايا أساس غرفة المائدة والمذبح، وإلى اليمين بقايا البركة المقدسة. يحيط بالحرم رواق أعمدة وتيجان بزخارفها الكورنثية من البرونز المذهب، وتم حمل سقف الرواق على جسور ضخمة من الحجر المنحوت نقشت عليها مشاهد دينية وأسطورية وزخارف حيوانية ونباتية وهندسية.



معبد نبو

يقع معبد نبو غربي قوس الشارع الطويل المعروفة باسم "قوس النصر"، والرب نبو هو ابن الرب بل- مردوخ، وأمين سر مجمع الأرباب. بني هذا المعبد في القرن الأول الميلادي على شكل شبه منحرف (85×78×44×60م). وللمعبد سور خارجي داخله باحة وفي منتصفه حرم.






معبد بعلشمين

تم التقاط هذه الصورة حوالي عام 1899 م

يقع في الحي الشمالي من المدينة، ويعود للقرن الثاني الميلادي، يتألف المعبد من حرم(سيلا) وباحتين شمالية وجنوبية بهما أروقة. عتبة الحرم تحمل ستة أعمدة بجبهة مثلثة، ويوجد على حامل العمود الثاني كتابة تدمرية مؤرخة عام130/131م.


معبد اللات

يقع في الحي الغربي من المدينة، ويعود إلى القرن الثاني الميلادي، يتألف من باحة مستطيلة يتوسطها حرم يتقدمه رواق من ستة أعمدة، اكتُشف فيه تمثال مرمري للربة اللات/أثينا، وتمثال أسد اللات.
معبد يلحمون ومناة
يقع في قمة الجبل الغربي (المنطار)، بني عام 88م، والجدير بالذكر أن يلحمون رب كنعاني، ومناة ربة عربية.
وفي المدينة العديد من المعابد منها معبد أرصو، معبد عشتار … وغيرها.


الحمامات
لها مدخل تتقدمه أربعة أعمدة غرانيتية، أقسامه (البارد والدافىء والحار) إضافة إلى قاعة مثمّنة الشكل تتوسطها فسقية مثمنة لترطيب الجو، ويلحق بها باحة للرياضة والاجتماعات أبعادها 22×20م ذات أروقة، تبلغ مساحة الحمامات 85×51م.



قوس النصر في تدمر


المسرح

بني المسرح على شكل نصف دائرة قطرها 20م، تحفّ به مدرّجات الباقي منها (13) درجة. أمام الأوركسترا تقع منصة التمثيل ذات الأبعاد (48×5/10)م.

الشارع الطويل

يمتد من المدخل الرئيسي لمعبد بل إلى بوابة دمشق، ويتألف من أربعة أقسام، يمتد الأول منها من بوابة المعبد حتى القوس، وهو ذو طابع ديني لقربه من المعبد الكبير. والثاني يمتد بين القوس والمصلّبة "التترابيل". والثالث يمتد بين المصلبة وهيكل الموتى. والرابع ممتد حتى بوابة دمشق.

مجلس الشيوخ
بناء مستطيل بداخله إيوان كالحنية له مدرّج على شكل نعل حصان. قد يكون هذا المجلس للتجار أو مركزاً لشيخ السوق.

الآغورا
يتألف من باحة مربعة مغلقة لها أحد عشر مدخلاً لتسهيل حركة الدخول والخروج، وبقايا منصة تستخدم للخطابة.




المصلّبة (التترابيل)

وهي مفترق الطريقين الرئيسيين في المدينة، تتألف من مصطبة تحمل أربعة قواعد يعلوها أعمدة من الغرانيت بينها تمثال فوق قاعدة، وفوق الأعمدة تيجان كورنثية وسقوف وأفاريز مزخرفة.

معسكر ديوقلسيان
يقوم المعسكر فوق الحي الغربي بكامله بما فيه القصر الملكي. أقيم المعسكر من قبل الإمبراطورين ديوقلسيان ومكسيميان والقيصرين قسطنطين ومكسيمنان في عهد هيروقليس.

الأسوار
إن التجارة الدولية الواسعة واحتمالات المستقبل هي التي جعلت تدمر تقيم سوراً دفاعياً متيناً، طول محيطه (6 كم)، وعرضه (280-3000)، بني بأحجار منحوتة، ويشبه شكل السلحفاة، وهو مدعَّم بأبراج مربعة.


الأعمدة التذكارية
في المدينة عدة أعمدة تذكارية منفردة، أقيمت في أماكن بارزة لتكون حافزاً للأجيال، وذلك بأمر من مجلس الشيوخ والشعب، للأشخاص المبرزين الذين ساهموا في ازدهار المدينة، وأنعشوا اقتصادها.

نبع أفقا (الحمام الكبريتي)
هذا النبع هو سبب نشوء مدينة تدمر ولا يزال شريانها الحامل للخير في قلب الواحة، يتدفق الماء من كهفٍ في جوف جبل المنطار ويمتد أكثر من 350م، مياهه معدنية كبريتية، حرارتها ثابتة في كل الفصول (33 درجة سنتغراد)، ويصب (60 ليتراً) في الثانية.

الكنائس
في تدمر كنائس من القرن الخامس، إحداها قرب معبد بعلشمين يتقدمها رواق من ستة أعمدة، والثانية إلى الجنوب، كما توجد بقايا كنيسة ثالثة في الزاوية الشمالية لحمامات زنوبيا بين معبدي بل وبعلشمين.

هيكل الموتى
مدفن يعود لبداية القرن الثالث الميلادي، تتقدم المدفن عتبة يُصعد إليها بدرج يفضي إلى رواق معمد، فوقه جبهة مثلثة، عضاداته منقوشة بزخارف نباتية.



القلعة العربية في تدمر



قلعة فخر الدين
وهي الأثر العربي الأبرز في تدمر، تُنسب هذه القلعة إلى الأمير فخر الدين المعني الثاني في بداية القرن السابع عشر الميلادي. وقد يعود أصل هذه القلعة إلى زمن الحروب الصليبية، إذ بنيت في عهد صلاح الدين. يوجد في القلعة بقايا الجسر المتحرك الذي أقيم فوق الخندق المحيط بالقلعة (وقد استفاد بناتها من حجارة الخندق)، ويبلغ ارتفاع القلعة 150م عن سطح المدينة.





المدافن البرجية في تدمر

· أنواع من المدافن في تدمر

1. المدافن البرجية
هي أقدم أنواع المدافن وتعود للقرن الأول قبل الميلاد، وهي مربعة الشكل ويقوم كل منها فوق مصطبة مدرّجة، ويتألف المدفن من عدة طوابق بينها درج حجري. وأجمل نماذج المدافن البرجية مدافن إيلابل ، ويمليكو، وكيتوت.



2. المدافن الأرضية
تعود للقرن الأول قبل الميلاد، وللمدفن مخطط ذو جناح رئيسي وأجنحة فرعية، كسيت من الداخل بطبقة من الجص، وعلى الجص نفذت بالألوان مشاهد من الحياة والأساطير وصور الموتى والزخارف الهندسية والنباتية والكتابات. وأجمل هذه المدافن مدفن الأخوة الثلاث ومدفن نصر اللات، ومدفن يرحاي وغيرها الكثير.

3. المدافن البيتية
تعود لنهاية القرن الأول الميلادي، يتألف المدفن من طابق واحد يتقدمه مدخل جميل وباب من الحجر المنحوت، في داخله باحة مكشوفة تحيط بها أروقة تحمل سقوفا، وحولها من الداخل مصاطب بنيت فيها المعازب، من أجمل هذه المدافن، مدفن عيلمي بن زبيدا، ومدفن القصر الأبيض، ومدفن قصر الحية.

بعض المواقع الأثرية المنسية في البادية السورية

· الصفا: مرتفعات بركانية في جنوب سورية شرقي اللجاة، ترقى للعصر الكلاسيكي، اكتشفت فيها نقوش وكتابات صفوية ويونانية وآثار رومانية. وقد ورد ا...